قوله تعالى: {اجْعَل لِّي ءَايَةً} أي علامة وفيها وجهان:أحدهما: أنه سأل الله آية تدله على البشرى بيحيى منه لا من الشيطان لأن إبليس أوهمه ذلك، قاله الضحاك.الثاني: سأله آية تدله على أن امرأته قد حملت.{قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} فيه وجهان:أحدهما: أنه اعتقل لسانه ثلاثاً من غير مرض وكان إذا أراد أن يذكر الله انطلق لسانه وإذا أراد أن يكلم الناس اعتقل، وكانت هذه الآية، قاله ابن عباسالثاني: اعتقل من غير خرس، قاله قتادة والسدي.{سَوِيّاً} فيه تأويلان:أحدهما: صحيحاً من غير خرس، قاله قتادة.الثاني: ثلاث ليال متتابعات، قاله عطية، فيكون السوي على الوجه الأول راجعاً إلى لسانه، وعلى الثاني إلى الليالي.قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْرَابِ} قال ابن جريج أشرف على قومه من المحراب. وفي {الْمِحْرَابِ} وجهان:أحدهما: أنه مصلاة، قاله ابن زيد.الثاني: أنه الشخص المنصوب للتوجه إليه في الصلاة.وفي تسميته محراباً وجهان:أحدهما: أنه للتوجه إليه في صلاته كالمُحَارِب للشيطان صلاته.الثاني: أنه مأخوذ من منزل الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه ومنعاً منه.{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشيّاً} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أوصى إليهم، قاله ابن قتيبة.الثاني: أشار إليهم بيده، قاله الكلبي.الثالث: كتب على الأرض. والوحي في كلام العرب الكتابة ومنه قول جرير:كأن أخا اليهود يخط وحياً *** بكافٍ من منازلها ولام{أَنَ سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أي صلواْ بكرة وعشياً، قاله الحسن وقتادة، وقيل للصلاة تسبيح لما فيها من التسبيح.